كاثي وود .. ملكة السوق الصاعدة تواجه أصعب اختبار في مسيرتها
تم تأسيس شركة أرك إنفست الاستثمارية على يد سيدة من كاليفورنيا في عام 2014، لأولئك الذين يرغبون في نسخة من السوق الصاعدة التي تحركها التكنولوجيا التي لا مثيل لها.
من خلال تسخيرها لوسائل التواصل الاجتماعي بمهارة نادرة الوجود في وول ستريت، جذبت وود جماعات من مستثمري التجزئة ومليارات الدولارات من خلال طرح رهانات جريئة على شركات وتكنولوجيات تقول إنها ستعيد تشكيل العالم، أشهرها شركة تسلا. كانت النتائج رائعة – حتى الآن.
قالت ليزا شاليت، كبيرة مسؤولي الاستثمار في بنك مورجان ستانلي لإدارة الثروات، ومديرة وود السابقة في شركة أليانس بيرنشتاين لإدارة الأصول: “رغم قدرة كاثي الرائعة على تحديد الموضوعات والفائزين والخاسرين، إلا أن أكبر نقطة ضعف فيها هي إدارة المخاطر والتقلبات”. حقق صندوق ذا أرك دسرابتف إنوفايشن المتداول في البورصة – الصندوق الرئيسي للشركة الذي تبلغ قيمته 17 مليار دولار والذي يجمع بين هيكل الصناديق المتداولة في البورصة والقدرة على اختيار الأسهم – مكاسب سنوية تبلغ في المتوسط 40 في المائة على مدى الأعوام الخمسة الماضية.
في مقرها في مكاتب تم إنشاؤها حديثا في سانت بيترسبرج، فلوريدا، كانت شركة أرك إحدى أكبر الفائزين من تقبل السوق للرهانات العالية على الشركات التي تتسم بالفوضى، وهو نهج ساعد الاحتياطي الفيدرالي في التغلب على مخاطره من خلال موجات التحفيز النقدي.
لكن مع إشارة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جاي باول، الشهر الماضي إلى تقليص الدعم، تواجه شركة أرك الآن أصعب اختبار لها في تاريخها القصير في وقت تنقلب فيه المعنويات ضد أسهم التكنولوجيا المشهورة، لكن غير الربحية في كثير من الأحيان، التي ضاعفت من صعودها.
على الرغم من الانتعاش الأسبوع الماضي، إلا أن الصندوق الرئيسي، المعروف في الأغلب بمؤشر سوق الأسهم أيه آر كيه كيه، انخفض 17 في المائة هذا العام، و34 في المائة عن ذروته في شباط (فبراير). ومن ذروة في الشهر نفسه بلغت 62 مليار دولار، تراجعت قيمة الأصول في صناديق الشركة المتداولة في البورصة إلى 34 مليار دولار، وفقا لبيانات بلومبيرج.
الرهانات الجريئة تترك الصندوق مكشوفا
سجل مؤشر أيه آر كيه كيه لمتوسط المكاسب السنوية يعد ممتازا، لكن كثيرا من هذه المكاسب أتى عندما كانت له قاعدة أصول أصغر بكثير. تقدر شركة أموندي، إحدى أكبر شركات إدارة الأصول في أوروبا، أن المستثمر العادي في الصناديق المتداولة في البورصة الآن في مأزق.
تماما كما شحنت رهانات الصندوق الثقيلة على الشركات الصغيرة أداءه في طريقه إلى الارتفاع، فإن هذا التركيز – الذي أشاد به معجبو وود على أنه رهانات جريئة لكن عده النقاد متهورا – تركه الآن مكشوفا بشكل خاص مع تحول المد.
بحلول السابع من كانون الأول (ديسمبر)، كانت جميع حيازاته البالغ عددها 44 قد انخفضت عن ذروتها، ونجت ست فقط من الانزلاق إلى سوق هابطة، وفقا لبيانات رامين ناكيزا، المحلل السابق في بنك يو بي إس الذي يدير الآن شركة بينشين كرافت الاستشارية. وانخفض نحو النصف 50 في المائة على الأقل من ذروتها في عام 2021، وخمس تراجعت أكثر من 70 في المائة أو أكثر.
زادت تقلبات مؤشر أيه آر كيه كيه هذا الشهر، حين تجاوزت التقلبات في قيمته التحركات الحادة في مؤشر إس آند بي 500.
ولولا المكاسب البالغة 48 في المائة التي لا تزال شركة تسلا، أكبر حائزة للصندوق، تحظى بها هذا العام، لكانت الصورة أكثر قبحا. فمن دون الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية، كان سينخفض الصندوق بمقدار الربع تقريبا في عام 2021، وفقا لجورج بيركس، المحلل الاستراتيجي في مجموعة بيسبوك للاستثمار. في المقابل، ارتفع مؤشر إس آند بي 500 25 في المائة.
يقول فينسينت مورتيير، نائب كبير مسؤولي الاستثمار في شركة أموندي: “استراتيجية صندوق أرك إنوفايشن عالية المخاطر والعائدات تركز على الأجزاء الواعدة لكن الأكثر تكلفة في السوق. معظم أسمائها حساسة للغاية لأسعار الفائدة، وبالتالي إذا كان هناك أي نوع من إعادة تسعير هذا الجزء من السوق، فإن الصناديق المتداولة في البورصة ستكون أكثر عرضة للهبوط من بقية السوق”.
تبدو الاضطرابات التي حدثت في الأشهر الأخيرة بعيدة كل البعد عن كونها امتدادا ذهبيا لشركة أرك وود، التي أدت رهاناتها الناجحة على كل شيء، بدءا من علم الجينوم إلى عملة بيتكوين، إلى إنتاج مجموعة من البضائع، بما في ذلك قميص يصورها وهي تركب ثورا وتحمل شعار: “ملكة السوق الصاعدة”.
الخطوات الأولى
لكن وود التي رفضت إجراء مقابلة معها لهذه القصة، واجهت انتكاسات من قبل. استقالت من شركة أليانس بيرنشتاين في عام 2014 بعد أن رفضت مجموعة إدارة الأصول عرضها لإطلاق أعمال صناديق تداول يتم إدارتها بنشاط في البورصة مخصصة للشركات المعطلة والمبتكرة.
أنشأت المرأة البالغة من العمر 66 عاما شركة أرك إنفست من مالها الخاص. ثم تلقت رأسمال أوليا من بيل هوانج، وهو صديق ذائع الصيت الآن بسبب انهيار شركة أرك إيغوز لإدارة رأس المال ـ مكتب عائلي يديره هوانج ـ في نيسان (أبريل) الماضي.
على الرغم من أنه ليس أول صندوق نشط يتم تداوله في البورصة، إلا أن تحرك وود كان لا يزال غير تقليدي في عالم الاستثمار ولا يزال مرتبطا بقوة بنموذج الصناديق السلبية التي تحاكي ببساطة المؤشر الأساسي. تهدف الصناديق المتداولة في البورصة المدارة بشكل نشط إلى الجمع بين حرية مدير الصندوق التقليدي للقيام بمراهنات كبيرة بغض النظر عن أي مؤشر، مع انخفاض الرسوم، والشفافية والسيولة والمعاملة الضريبية المواتية التي تعد السمات المميزة للصناديق المتداولة في البورصة.
تضخمت الأصول التي تديرها الصناديق المتداولة في البورصة المدارة بنشاط ووصلت إلى ما يقارب 440 مليار دولار في نهاية تشرين الأول (أكتوبر)، وفقا لشركة إيه تي إف جي آي، وهي شركة مزودة لبيانات الصناعة.
تقول كاتي كوتش، الرئيسة المشاركة لأعمال الأسهم الأساسية في شركة جيه إس أيه إم: “لقد كانت كاثي رائعة حقا في صناعة إدارة الأصول وفي جلب المزيد من المواهب الاستثمارية المتنوعة ووجهات النظر. لقد كانت رائدة في الصناديق المتداولة في البورصة المدارة بشكل نشط، والوصول الديمقراطي إلى الابتكار في سوق التجزئة، وإشراك جيل جديد من المدخرين”.
إلى جانب مؤشر أيه آر كيه كيه، تمتلك الشركة 10 أدوات استثمارية مخصصة لموضوعات من العملات المشفرة إلى استكشاف الفضاء. لكن المستثمرين سحبوا 558 مليون دولار من الصناديق في كانون الأول (ديسمبر)، ما رفع إجمالي التدفقات الخارجة على مدى الأشهر الخمسة الماضية إلى 6.5 مليار دولار، وفقا لشركة مورنينج ستار.
مع أن رسالة الاحتياطي الفيدرالي بأن عصر السخاء النقدي قد انتهى هزت السوق ككل، إلا أن قلة من أقران شركة أرك المباشرين يعانون بالطريقة نفسها.
من بين الصناديق البالغ عددها 69 ذات الترجيح الأكبر لما يسمى أسهم النمو الأمريكية، ارتفع 30 10 في المائة أو أكثر هذا العام، و70 في المائة في المنطقة الإيجابية، وفقا للاستراتيجي روبي غرين غولد، شركة مورنينج ستار. هناك صندوق واحد فقط كان أسوأ من أيه آر كيه كيه.
تتمثل إحدى نقاط الضعف في نموذج شركة أرك في تركيزها على الابتكار – وهي استراتيجية، مع استثناء ملحوظ لشركة تسلا، تعني أنها تجنبت حصصا صغيرة في الشركات الإلكترونية الكبرى لأجل الرهان المركز في الشركات الأصغر.
يمتلك مؤشر أيه آر كيه كيه أكثر من 5 في المائة من 17 شركة مختلفة. وفي بعض الحالات، كما يقول محللون، يبدو أن حجم حصته في الشركات الأصغر ساعد في تضخيم أسعار أسهمها عندما كان المستثمرون يضخون الأموال في شركة أرك. الآن، مع نفاد الأموال من الصناديق، أصبح لها تأثيرا معاكسا، ما يعمق من آلام شركة أرك.
مثلا، قامت شركة أرك إنفيست ببناء حصة 15 في المائة في شركة بروتو لابز، وهي شركة طباعة ثلاثية الأبعاد صغيرة في مينيسوتا، ما ساعد على رفع قيمتها السوقية من أقل من ثلاثة مليارات دولار في بداية عام 2020 إلى ذروة بلغت ما يقارب سبعة مليارات دولار في وقت سابق من هذا العام. لكن منذ ذلك الحين، خفضت شركة أرك إنفيست حصتها إلى النصف تقريبا وانهار سهم بروتو لابز.
طريق محفوفة بالمخاطر
يقول إدوين دورسي، وهو بائع على المكشوف ومؤلف نشرة بير كيف الإخبارية: “إذا كنت تستثمر في الأسهم غير السائلة للغاية، فأنت تقدم عطاءات لها عندما تحصل على تدفقات داخلية. لكن على الجانب السلبي فإنها تعمل في الاتجاه المعاكس تماما حين تقوم ببيع خارج المراكز”.
إلى جانب قدرتها على بيع سرد استثماري، قدمت وود أيضا للمستثمرين درجة عالية من الشفافية والإفصاح في الوقت الفعلي عن مقتنيات شركة أرك. لكن يمكن أن يكون هذا أيضا سيفا ذا حدين، بحسب مورتير، من شركة أموندي.
يقول: “تسمح لك الشفافية الكاملة بالإعلان عن ممتلكاتك لكن في الوقت نفسه يمكن أن تصبح نقطة ضعف. عندما يقوم صندوق متداول في البورصة يتسم بالشفافية بتغيير تخصيصاته، عليه أن ينشر ذلك في الوقت الفعلي، ونظرا لحجمه يمكن أن يصبح ذلك إشارة لتحريك السوق”.
مع اقتراب عام آخر من نهايته، حيث هيمنت الجائحة على الأسواق، هناك دلائل على أن بعض مستثمري التجزئة لم يفقدوا الثقة. تعج لوحة الرسائل في ريدت بمذكرات “شراء الانخفاضات” التي تحث المستثمرين على الاستمرار في شراء الأسهم.
في الواقع، خلال ظهورها على قناة سي إن بي سي الخميس، بدت قناعة وود باستثماراتها غير مشوشة. تحدثت عن إمكانات شركة تسلا وعملة بيتكوين. قالت: “نحن لسنا قريبين أبدا من الفقاعة”.
لن يكون ذلك كافيا لتهدئة مخاوف أولئك الذين كانوا قلقين منذ فترة طويلة من أن الصعود المذهل لشركة أرك يمكن أن يقابله تفكك محتمل إذا تغيرت معنويات المستثمرين حقا.
يقول مارك كوديس، وهو بائع على المكشوف لا يراهن ضد شركة أرك: “بالنظر إلى التركزات والمخاطر في المحفظة، فإنها تشكل كارثة. إنه إعداد محفوف بالمخاطر للغاية وهو نوع غير مسبوق لأنه لم ير أحد صندوقا متداولا في البورصة يتفكك إلى الحد الذي يمكن لهذا الصندوق أن يتفكك به”.